للروعة في الحكمة ميادين لا متناهية وقاهرة لعنفوان الجهل حينما يشتد في زوايا حياتنا اليومية لتمنحنا الثقة الكبرى في الولوج إلى داخل هذا العالم المليء بأولئك المثبطين لنا وقيادته دون حرج. ************************************************************************************** المدونة عبارة عن بحر من الحقائق والطرائف والاقوال لعلماء ومفكرين وسياسيين وفلاسفة قد تجد بعضها غريبا ولربما لن تصدق بعضها كذلك هي زخم كبير من المعلومات الرائعة والمفيدة ولربما الكثير منها لم تتعرف عليه الا الساعة

الثلاثاء، 12 أبريل 2016

هذا هو عبد الله الطيب

عبدالله الطيب يصيب مجمع اللغة العربية بالذهول

في عام 1957م كان الدكتور عبد الله الطيب على رأس وفد الأدباء السودانيين في ندوة القاهرة بمناسبة إفتتاح مَجْمَع اللغة العربية بصورة رسمية، حيث وجه الدكتور طه حسين الدعوات لكل الدول العربية للمشاركة بوفد في هذه المناسبة المهمة، وكان الدكتور عبد الله الطيب يرتدي "الرداء" (بنطلون قصير تحت الركبة) وكان أمراً شائعاً في ذلك الوقت.
قدم الدكتور طه حسين سبعة رؤساء وفود من بعض الدول العربية وكان رئيس الوفد يأتي إلى المنصة ثم يخرج ورقة من جيبه ويقرأ منها كلمته، وكان الدكتور عبد الله الطيب مستغرباً جداً لحديث رئيس الوفد من الورقة وقال: تململت في مقعدي وتمنيت أن يأتي دوري في الحديث لكي أتحدث من رأسي أمام هذه الوفود التي ضاق بها المكان.
وعندما جاء دوره ونده عليه الدكتور طه حسين استخف به العرب للزي الذي يرتديه وقالوا عليه: هلفوت.
وعندما اعتلى المنصة وألقى عليهم التحية لم يردها له إلا الدكتور طه حسين فغضب غضبا شديداً من احتقارهم له لدرجة أنهم يرفضون الرد على السلام، والسلام سنة والرد فرض، فخاطبهم بلغة عربية لم يفهموا منها شيئاً، فحصل هرج شديد وصاح العرب بأصوات عالية وهم يقولون: ماذا يقول هذا الرجل؟ 
وإليك ما قاله الدكتور عبد الله الطيب:
تفعقر نافوش الكرى بقراعم
فقال نافوشهم شعثان ضبهم بدراهم 
أيشكون سافور الجراري عندهم 
طوقان قلب الهاطل المتوهم 
مبشور شاري لواكع شركم 
يقظان شاري الكمكمان السواهم 
في الهراطل شاع سافورهم خيثم
نمور نمار قاطم
يا دجران اسفهم سوسم ساسهم 
لعلهم في الجصون يبكون فاطم 
فهم متفعقرون جسوماً بالكماكم
ملاكعون أنوف الخيضبان المجعطم
فخاطب الجمع د.طه حسين قائلاً: يبدو أن صديقي د.عبد الله الطيب سيلقي كلمته بلغة عربية تركها العرب قبل تسعة قرون، أرجو منه أن يتكرم مشكوراً ويخاطب الجمع الكريم بقدر عقولهم فكان الدكتور عبد الله يتحدث بالعربية الفصحى مدة ساعتين وأربع عشرة دقيقة،
وعندما انتهى وقف من كانوا يحتقرونه يصفقون له بحرارة مدة عشر دقائق كاملة وهو ما زال بجوار المايكروفون لم يغادر مكانه بعد .. 
وبعد أن جلس الحاضرون وساد جو من الهدوء خاطبهم قائلاً: وقبل أن أبرح مكاني هذا أقول لكم:
قراحفة من أحشاف هول 
سكعبل تسعسفه لكن بالجرنش الزمقمل
وكنت إذا الأرناف جئنه تمرضلاً
تفشكفت عمداً في خوافي التمرضل 
سلام من الله عليك يا ظئر خيثم 
وقد جئت تسعى بالمذاق المزمقل
وبعدها نزل من المنصة وقال لهم د. طه حسين: نكتفي اليوم بحديث د. عبد الله الطيب، ونعاود مساء غد، فما كان من العرب إلا أن يسلموا على الدكتور عبد الله وهم يذرفون الدمع حتى تبلل قميصه من كثرة الدموع. 
من يومها عرف العرب هذا الرجل المتفرد، لأن الحاضر أخبر الغائب بأن في السودان رجلا اسمه عبد الله الطيب تحدث بلغة عربية لم نسمع بها من قبل.
اللهم ارحم عبد الله الطيب واغفر له.